العذراء والحب.. كتبت: فوزية الكوراني بقلمها
من ديواني القادم قلم رصاص في سوق عكاظ... أخترت لكم نص حصل على جوائز عديدة...
في العزاء جلست سوسن متشحة بالسواد دموعها بغزارة المطر لاتتوقف.
الكل من حولها ينظر لها باستياء وأغلبهم بحقد...
كلمات تثرثر بها النساء" لوكان عنده ولد" كان خلد ذكراه وينظرن إليها نظرات عتاب، وسوسن لاتعيرهم أي اهتمام،
بعد ساعة دخلت إمرأة أصواتها تصدح كجرس الكنائس وتندب. الكل يحاول يهدئ من روعها وهي لاتبالي إنها أخت المتوفى وأيضا نظراتها كأنها سياط على جسد سوسن،
وفي زواية من المجلس جلست إمرأة في عقدها السبعين تلملم دموعها السخية بهدوء وكل برهه تنظر بطرف خفي على سوسن نظرة شفقة وحنان.
إنتهى العزاء دخلت سوسن غرفتها ونظرت إلى صورة زوجها نظرات معاتبة " كيف رحلت وتركتني"
بدأت تعانق ذاكرتها وتعود إلى الماضي وكأنها تسرد قصتها على نفسها؛ كان إبن عمي يكبرني بعشرة أعوام أحببته منذ كنت صغيرة وتعلقت به... عندما أصبحت في سن الخامسة عشر أصبح دماً يسرى في عروقي...
وهو أيضا أحبني بجنون... وعند بلوغي الثامنة عشر خطبني وأصبحنا إثنان بواحد وعند تخرجي من كلية الصيدلة تزوجنا وهو كان مهندس معماري...
كانت حياتنا سهلة حبنا لم يواجه أي مصاعب.
العائلة كلها كانت تبارك حبنا ومن ثم زواجنا لم نختلف على شيئ أبداً قبل الزواج.
ليلة الزفاف كانت الفاجعة التي دمرت حياتنا؛ زوجي كانت تنقصه" الرجولة" هو تفاجأ أنه( هكذا) كما قال وأنا أصدقه، من حبي له لم يهمني الأمر...
في البداية كان يكفيني أن أكون معه تحت سقف واحد وأترك رأسي ينام على صدره الحنون، لكن هو بعد أشهر تحول إلى إنسان أخر أصبح عصبي قاسي معي، يطيل السهر خارج المنزل يعود مخموراً يشبعني ضرباً وإهانة.
وأنا صابرة محتسبة أمري لله، ولم أخبر أهلي عن حالته. بعد عام من زواجنا بدأ الأهل يطالبون بالولد أمي تلح على أخذي للطبيب؛ لكن استعطت أن أقنعها بأننا ذهبنا أناوزوجي إلى الطبيب وعملنا تحاليل ونتيجة الفحص والتحاليل ظهر عندي بعض الأمور يتأخر فيها حملي وأشهرت هذا الخبر بين العائلة.
وزوجي يتحاشى الكلام في هذا الموضوع مع أحد، وأمه تلهب أذني بكلام يضايقني أقله إذا مضى عاما آخر ولم أنجب ستخطب لأبنها وتزوجه!.
وانا اعتنقت الصمت. وزوجي كما هو كل ليلة يعود مخمورا وفي الصباح يعتذر مني
ويبكي على صدري كطفل صغير يشعر بذنبه، وأنا أخفف عنه وأشعره أنني حزينة من أجله على هذا الضياع.
وأطلب منه العلاج وهو يعدني إنه سيذهب للطبيب ولايفعل.
ومرت خمسة أعوام على هذا الحال.
إلى أن مرض زوجي بسرطان الكبد وخلال ثلاثة أشهر وافته المنيه وفي آخر ليلة له، وكانت والدته تلازمه وأيضا كانت لاتترك دقيقة إلا وتقول لوكنت تزوجت عليها لكان لديك ولد الآن يخلد إسمك ويترحم عليك، وهو دائماً ينظر إليّه نظرات الخجل والحزن،
وقبل موته بساعات طلب من والدته أن تاتي بالمصحف الشريف ووضع يده عليه "وقال أشهد الله على كلامي أن زوجتي سوسن عذراء" أرجوكِ يا أمي أن تكرميها بعد موتي فهي أنبل إنسانة، وكنت أطلب منه أن يسكت وأستحلفه بالله أن لايفعل ويبوح بالسر لكنه لم يشأ يغادر الدنيا قبل أن ينصفني.
عندما فارق الروح أخذت بيد والدته أقبلها وأطلب منها أن تحفظ السر أمام الجميع ،لكنها كانت تقول لا يجب يعلم الجميع أنك مظلومة لكي يرتاح إبني في قبره.
وطلبت مني أن اسامحه قلت أنا مسامحته من أول ليلة من زواجنا، لكني استطعت في نهاية الأمر أن أخذ منها وعد تخفي سرنا عن الجميع.
سورية
ليست هناك تعليقات
مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation