نهاية المطاف.. كتبت: روزيت عفيف حدّاد بقلمها
عندما كنت طفلة كنت أسمع كبار السّن يعلنون اقتراب نهاية العالم، كثُرت سنيني وكثٌر الذين يردّدون هذه العبارة واقتنعت أنّ العالم لن يكون عالماً لو كان نقيّا، وأنّ ترديد هذه العبارة لا يدلّ، دائماً، أنّ قائلها هو الذي يعاني، إنّما هو إنسان يشعر بمعاناة الآخرين، يتمنّى الخير للجميع، يشجب ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ويؤمن إيماناً قاطعاً أنّ اللَّه يرى ما لا نراه.
الآن وقد تسلّطت وسائل التّواصل الاجتماعي على رقابنا واحتلّت بيوتنا، تحصي علينا أنفاسنا وتسود على معلوماتنا، بتنا نشعر بمصائب العالم قبل انفراج همومه، بأحزانه قبل أفراحه، بسلبيّاته قبل إيجابيّاته، وأصبحت مشاعرنا في مهبّ ريح تجوب كل جغرافية وسكان الكرة الأرضيّة؛ أتساءل كيف لعقل في هذه الرأس الصغيرة، لقلب بهذا الحجم، لمشاعر تتلقّى باستمرار ما تبثّ وسائل الإعلام من سلبيات أكثر من الإيجابيّات، مثل نقط ماء تتساقط على وتيرة واحدة محدثة حفرة على صخرة وقرقعة تثير أعصابنا، كيف يبقى هذا الإنسان محافظاً على اتّزانه؟
ليس كثير أبداً أن نشعر باقتراب النّهاية ونحن نملك في داخلنا كلّ اللواقط الحسّاسة، لكن يجب أن ندرك أكثر أنّ الخالق حبانا بميّزة لا تُقدّر بثمن وهي جهلنا بموعد النّهاية، وإلّا كانت الدّنيا جحيماً لا يُطاق ونحن نحصي الأيّام والساعات الباقية ، لذلك من واجبنا لا بل من إيماننا القوّي أن نعيش الحياة كما يجب، وأن لا نقصّر أبداً في العناية بها وأن لا نكون مصدر رعب وتوتّر للآخرين.
نحن لن نعلم مطلقاً متى هي نهاية حياتنا أو نهاية العالم، كفانا حِكَماً لا تمتّ للعقل بصلة خصوصاً إذا نظرنا إلى الماضي وأحصينا المصائب التي حدثت والتي لا يمكن أن تُحصى، هذه النّظرة كافية لأن نؤمن بالإنسان وإمكاناته.
سوريا
ليست هناك تعليقات
مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation