اخر الاخبار

آخر الأخبار

على قيد الحياة.. كتبت: روزيت عفيف حدّاد بقلمها

 




يوم أمس كنت أمشي في السّوق الرْئيسي للمدينة مع حفيدتي، طرقات شبه خاوية، مطاعم لا يجلس فيها إلّا من اضطرّ، إعلانات كبيرة وملفتة تحتلّ الواجهات: تنزيلات كبيرة في الأسعار، سنغلق المحلّ.
كانت هذه المحلّات تشدّني بجمال بضاعتها، تسحبني إلى داخلها، اليوم تعلن إفلاسها وتسحب دموعي من قلبي حزناً على موت جماعي.
ما هو السّبب؟ فيروس لا نراه.
هل هذا الفيروس يرانا؟
لماذا يلاحقنا،  يتقصّدنا، يهدم صحّتنا وسعادتنا، يمنعنا عن لقاء أحبابنا، يحكم علينا بالعزلة ونحن ما زلنا على قيد الحياة؟ قد تتطوّر وقاحته ويفرض علينا بيوتاً غير التي نسكنها،  يلزمنا بطريقة حياة دخيلة يخترعها. فيروس لا يتمتّع بصفة كائن حيّ يقوم بكلّ هذا؟
ألا يكفيه أنّه حرمنا من قبلات أحبابنا، من ضمّهم إلى صدورنا كي تسمع القلوب بعضها وتتبادل نبضاتها وأشواقها. أليس حرماناً كبيراً أن يشتاق حضني لإبني أو لأحفادي؟ مطلبي صغير جدّاً بخس الثّمن ماديّاً، ثمين معنويّا.
هذا عدا عن خسائر أرواح غالية، أو أرواح تفانت في علاج المرضى فكانت مكافأتها الموت بالعدوى.
أصبحت الحياة شاحبة مريضة، لا ينفع معها تزيين ولا يثبت على وجنتيها أحمر خدود، تسيل عبراتها وتجرف معها كلّ محاولات التّحايل الإيجابي. جحظت عيناها أم غارتا؟ تتعقّبنا أم تخجل منّا؟ وفي الحالتين تنعكس سوءاً علينا.
كورونا مدمّر الحياة بكلّ أشكالها، أسوء نكسة إقتصاديّة، أقوى من الجحافل الجرّارة،  لم تترك وجهاً إقتصاديّاً أو إجتماعيّاً سليماً معافى إلا ودمّرته.
لكنّي أتساءل: لماذا لم تدمّر الشّر داخل الإنسان؟
               - لماذا لم تدمّر معامل الأسلحة ووسائل القتل؟
وتسألني حفيدتي: جدّتي! هل تبكين؟


سوريا

ليست هناك تعليقات

مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation