دعوة ليست لمجنون.. كتب: سعد المشهداني بقلمه

 

حين أتبختر عكازي يحمل بعضي لا أدري إن كان العاقل أوالمنحني نحو الجنون  أستطلــــع ساحــــل بحر الذكرى وأدرس ماهيتها وأبعادهــــــا  أداول  أفكارًا ليست ساذجة أو  سخيفة تماما ولاهـــــي  نمطية  رتيبة ومملة أو كلاسيكية
 
أعيــــد قراءتها أرتب أولوياتها إنطلاقا من نسبة مقبوليتها وما تحوي في كنفها  من الرجاحة ِ والتدبير ِوالعقل الرزين أجـــد ملتمسا   ليس قليلا ولا هو اعتباطيـــــــــــــــا أو فوضويا طارئ من بعض الجنون أو الاعراضات المتراكمة والتي تتقافز في مخيلتي كإنها ضباع تصرخ إلى جيفها وليمة كبرى  لايقربها إلا الضواري وأصحاب الانياب القاسية جدا
   
أساجـــــــــلُ هدير الموج العابر لطويـــــل المسافات الناقض لعهود الحدود المصطنعة  والموانــــــــع والسياقات والقوانين  الوضعية الظالمة
 أعاتـــــــــب خريرأنسيابه الافعوانــــــــــــي  الرقيق والناعم  كالحرير والجميل كجسد أنثى عشرينة الربيع أو أنها لم تبلغه  بعــــــد ولم تكتوي بجنونه الوجدانـــــــــــــــــــــــــــي الثائر
 الفارعة  الممشوقة القوام وإلتي  التجسيد والوصف الرومانسي الجميـــــــــــــــل والذي يدق العظم تطفلا  لابل الشعر والغزل يكــــاد ُلايليق إلا بسواهـــــــــا أنثى هي أقرب لمسمى الغزال وإلتـــــي  تهوى سماعه وربما  تعشقه إنطلاقــــــا من أخمص قدميها مرورا بنهديها الشامخين كتمثال أبي الهول وسط كثبان الرمال وجبينها ذي الجبهة   الناصعة نقاء وبياض  كحقول القطن على ضفاف دجلة الحالم برحيق الأزهار  أو كعلــــم بلادي المحتل منذ عقدين من الزمان وربما سيبقى ويستمر ذلك اكثر مما نتصور من قبل   أكثر من طرف دولـــــي وأقليمي وبأرادته غير المطلقة اكيـــــــــــد أقول اعاتـــــــــــــــــــــــب  شعرهـــــــــــــــا الكستنائي المتدلــــــي كخيوط الحريرساعة الشروق أو حين نزول حبات القطر في ممطر  الربيع ساعة الغبش  إلتي تتخللها أشعة الشمس القادمة من الكون اللامنتهي المجهول والبعيد جــــدا   إلتي تحمل بين طياتها النماء والخير الوفير  وعطر الزهور والرياحين والورود وصوت عندليــــب يترنم لازل يردد صداه بين طيات نسيــــــم الأثير يعيد أنغامه يكررهــــــا كلما هفتت أنغامه  الشجية أو كادت تضمحل  كعضلات جسدي عندما كنت فتى يافعا يعيدها إلـــــى الأسماع  في طيات الفضاء المترامـــــي الأطراف والذي لاتحده قوانين البراسايكولوجي  كما أفعـــــل أنا عندما أسمع الأستاذ القبانجي الكبيرو البغدادي الأصيل  أوأطرب مدندنا مع  السيدة  كوكب الشرق في ظهيرة صيف قائض بغدادي كذلك أصيل وبلا رتوش  أو حين يتجاوز الليل نصفه ويزيد  تدفعنـــــي الرغبة  لاأدري كيف تحل بجسدي تجتاحني يمخض من خلالها بعض الوحشية لإتجاسر غير مكترثٍ بشـــــــيء ٍ عليه ولكن لايخل ُذلك من أدب  رفيــــــع ولياقة مهذبة ٍجـــــــــــدا  أداعب  مائه  المنهمر بثقة تكــــاد تكون عمياء أو ربما كانت  بلا هدف محدد الجنون بعضه كما هو امنية لبعض البشر فـــي هـــــــذه الأيام  ولاعجب أن يتمنى الإنســــــان  شبه العاقــــــــل بعض المستحيــــــل ذلك أني أجزم  إن لا إنسان عاقلا تماما فلابد من وجود شيئـــــــا من فوضى فــــي تدابيره أوأرتباك ٍفي خياراته  وهواياته وآرائه غير المعلنة وإلتــــــــي  يصعب تبويبها إحيانا علـــــــى محمل الحكمة وهــــــــــــــــــــي بعيدة جدا عن خانة الدهـــــــــــــــاء والرجاحة والعقل السليم  نعم بعض المجانين خلــــــــدتهم الأيام وذكرهم التاريــــــــــــــخ في اكثر من مكان  ومجلد في فخر و لحظة جنون تكاد تكون رائعة ولا يمكنها إن تتكرر لمن هب ودب  أنهم لـــــــــــــــم يكونوا مخططين لها إطلاقــــــــــــــا ولافـــــــــي ستراتيجياتهم لهم فيها أولوية بل ولاحتى فـــــــي مخيلتهم أو أهدافهم أو خلدهم لها حيز واضح  وهكذا تجد أنهم أصبحوا إساطيرًا في لحظة جنون ٍلم يكونوا يهدفون  إليها  وهكذا شاءالتاريـــــــــــــخ ولا اعتراض على مشيئته حين يكون  معززا  بالوقائع والأدلة وإن كانت مجنونة
أو بعض خرافة أو ربما كانــت  تافهة وفيها من السخف الكثير
 
عندما تقرأ موسوعة غينس  الشهيرة ستجد تجسيدا للجنون يُصفقْ له بحرارةٍ وأعجاب ٍأيضا فماذا يعني اكبر طبق للبيض المخفوق مثلا أو اكبر مائدة طعام أو أطول شعرلحية عثة قذرة  لرجــــــل أليس فيها شيئا من سخف بائن أو ما ماذا يمكننا أن نسمي أ ونبوب  أن احدهم يشتري قميصا او ملبسا اخر لفلان من الفنانين بملبــــغ ٍيمكنه به أن يشتري به ذات المصنع الذي أنتج ذلك القميص  بالكامل أو ماذا يمكن أن نقول لرجل يقطع مئات الكيلــــــو مترات بسيارة يستأجرهــــــــــــــا ويكلفه ذلك  مبلغا كبيراً لكي يلمع حذائه  الذي يتجاوز ثمن  الحذاء واخر يذهب مئات الكيلو مترات ويقضي ليله منطلقا بسيارته ليصل فجرا وليتناول الفطور في المطعم الفلانـــــي وهو تحيط به مئات المطاعم إلتي يمكنها أن تقدم أطباق أشهى واطيب بكثير من المطعم الذي تجشم إليه عناء السفر والامثلة ليست لها حدود لو إردنا التفصيل  هناك من تزوج بأكثر من عشريـــــن امراءة وهو كل ليلة له عرس جديد أي ان الواحدة منهن تنتظر أكثر من عشرون يوما ليأتــــي دورها في ليلة ذهبية وبذات الوقت عليها أن تحافظ علـــــــــى شرف بعلها العظيم  وأن تخلص له وتحمي سمعته وتحفظ عهدهـــــــا والذمة  أية مغالطة تلك وأين العقـــــل في هذا وأين هي الحكمة او الدهاء او العدل والمساواة بالمقابل تجــــد أن التاريخ خلد جميل بثينة ومجنون ليلــــــــــــــــــــــــــــى قيس بن الملوح  كما خلد من تزوجـــــــــــــــــــــوا بأكثر من عشرين أنثـــــى  على حد سواء وكما خلد شهير الكرم وسيده حاتم الطائــــــي كما خلد زوجه حليمة حين عادت لعادتها القديمة وكذلك  خلد أشد الناس بخلا على الرغم من التفاوت والنقيض  المنطقي الواضح كما خلــــــد اكثرهـــــــم فروسية واشهرهم جبنا وانهزامية كما خلد أكثرهم إيمانا والعنهم كفرا هناك من خلده إيمانه الراسخ وهناك من خــــلده كفرهُ وشيطانه اللعين الشاسع وهناك من خلده عقله الراجح وعبقريته الفريدة وهناك من خلده جهله أو فقره المدقع أوشــــــدة غبائه مع اختلاف النمطين في التخليد  يبقى الإنسان  صنيع بيئته وممثلا بارعا يعكس ما يحيط به من قيــــــم ٍوتقاليدٍ وعادات مهما كانـــــت خلفيتها او صوابها من عدمه   ولسوف يبقى الجنون  سلوكـــــًا حضاريا وشيئـــا نتمنى بعضه أحيانا خاصة لمن يؤمن وبشدة متناهية  بمقولة خـــــــــــذ الحكمة من روؤس المجانيــــــــــــــــــــن