أَناَ لَسْتُ هُناَ.. كتب: عماد الدين التونسي بقلمه

أَناَ الحُرُوفُ المُبَعْثَرَةُ  فَمَنْ يُلَمْلِمُها َوَماَ يُلَمْلِمُهاَ
أَناَ الحُرُوف ُالمُشَتَّتَةُ كَوُعُودِ أَجْدَادِي أَحْلاَمِي أَجْسَادِي
وَأَوْطَانيِ
أَناَ الْحُرُوفُ الخاَئِرَةُ  كَقُوَّتِنا وِحْدَتِناَ وَعَزِيمَتِناَ
أَناَ الْحُرُوفُ الضَّائِعَةُ كَإِيمَانِي  وَيَقِينيِ
أَناَ الْحُروُف ُالمُتَلاَشِيَةُ كَكَراَمَتِنا َالمُنْقَرِضَةُ
 أَناَ الْجَسَدُ الضَّعِيفُ الْوَاهِنُ
أَناَ  الْغَارِقُ فيِ وَحْلِ الْفَواَجِعِ
أَناَ الْقَلَمُ  يَخْشَى الكِتَابَةَ فِيكِ وَإِلَيْكِ
أَناَ الْقَلْب ُ  يَنْزِفُ دُموُعاً مِنْ مَآقِيكِ
مَشاَعِراً مِنْ ثِغْرِكِ   ثَوْرَة ًمِنْ مَجْرَاكِ
أَناَ حُبُّ  صَدْريِ  و َعِشْقُ روُحيِ يُنَادِيكِ
رَغْمَ الْخَيْبَةِ وَ الْخُذْلَانِ
أَناَ الْمُتْسَمِّرُ فيِ هَذاَ المَكَانِ
 الْحَامِلِ بَيْنَ يَدَايّاَ  كُوفِيَّةً رَماَدِيَّةً
 لِأَناَم َ  بَيْنَ  جَناَحَي قَلْبيِ  كَرَجُلٍ جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيْهِ
 يَطْلُبُ يَد َ مَنْ عَذَّبَها َ مَنْ  خَذَلَهاَ مَنْ أَهْمَلَهاَ مَنْ إِنْشَغَلَ عَنْهاَ
أَطْلُبَ يَدَهَا لأُِقَبِّلَهاَ لأَِشُمَّهاَ  لِتُلاَمِسَ  شَهْقَتِي وَ عَبَراَتِي
لأَِسْأَلَهاَ  الْغُفْرَانَ  مَنْ أَتْرَعَتْنيِ حُبّاً  لكُلِّ ماَ فيِهاَ
عَلَّهاَ تَغْفِرُليِ  عَلَّهاَ تَصْفَحُ عَنيِ
أَناَ الْقَلَمُ  يُعَانيِ مِنْ "إمْسَاكٍ نَفْسِيٍ "حَادٍ
 مِنْ "ِإرْتِجَافِ " الْأَيَاديِ  عَلىَ خَراَئِط ِالْأَوْرَاقِ
أَناَ مَنْ بِعْتُكِ  فيِ كُلِّ مَرَّةٍ  بِوَرَقَةٍ مَنْ قَسَّمْتُكِ  بِوَرَقَةٍ
مَنْ جَرَّحْتُ فُؤَادَكِ  بِوَرَقَةٍ  مَنْ شَمَّتُ آمَالِياَ وَ آمَالِكِ  بِوَرَقَةٍ
 مَنْ كَسَرَ أَنْفَك ِ بوَرَقَة ٍ
أَناَ  لاَزِلْتُ أُواَسِيكِ  بِوَرَقَةٍ  لاَ زِلْتُ أَنْصُرُكِ بِوَرَقَةٍ
لا َزِلْتُ أَكْسِرُ قَلْبَكِ  بِوَرَقَةٍ  أَلا َتَبَّتْ أَوْرَاقيِ وَأَقْلاَمِي
فَلْتَغْفِريِ وَلْتَصْفَحيِ  وَلْتَعْلَميِ  أَنَّ كَلِمَةَ "آسِف
لا َتَكْفِيكِ لا َتُدَفِّيكِ لا َتَمْسَحُ ماَ يُضْنِيكِ  لاَتُجَفِّفُ مَآقِيكِ
أَناَ خَذَلْتُك ِ وَأَخْذُلُكِ  وَسَأَخْذُلُكِ
 فَحُكّاَمِي مُصَابُونَ بِداَءِ "الإِحْتِيَالِ العَاطِفيِ"
مُصاَبُونَ بوَباَءِ "الوَعْدِ الكَاذِبِ "
أَناَ أَسِيرُ مُعْتَقَلاَتِهِم  تَارَّةٍ
وَسَجِينُ هَوَّنِي وَتَهَاوُنِي تاَرَّةً أُخْرَى
أَناَ  الشَّعْبُ  غَطَّى بِصُرَاخِهِ سَماَهُ  وا َأَسَفاَهُ
أَناَ إِذ َاأَبْكِي عَلَيْكِ  لاَ أَبْكيِ إِلّاَ عَلَى عَجْزيِ
أَناَ عاَجِزٌ  عَنْ قَوْلِ "لاَ"
عَاجِزٌ عَنْ مُقاَطَعَةِ الأَعْداَءِ
عاَجِزٌ  عَنْ الْإِتِحَّاد ِلأَِجْلِكِ وَلأَِجْلِي
 عاَجِزٌ حَتَّى عَنْ تَتَبُّعِ أَخْبَارِكِ فيِ نَشَرَاتِ الرِّثَاءِ
 أَناَ عاَجِزٌ أَنْ أُحِبَّكِ بِإِخْلاَصٍ وَصِدْقٍ
 عاَجِزٌ أَنْ أُحِبَّكِ دُونَ خَوْفٍ مِنَ المَوْتِ وَبَقَاياَهُ
 عَاجِزٌ أَنْ أُحِبَّكِ بِقُوَّةٍ وَأَنْ أَصُونَكِ بِالْعَطاَءِ
 عاَجِزٌ أََنْ أَهْتَمَّ بِكِ دُونَ تَقَطُّعٍ
أَناَ خَذَلْتُكِ عِنْدَمَا   رَضَخْتُ لِلصَّمْتِ  وَخَضَعْتُ لِلْخَوْفِ لِلْجَهْلِ
أَناَ خَذَلْتُكِ عِنْدَماَ سَلَّمْتُ نَفْسِي لِلْكَسَلِ
أَناَ خَذَلْتُكِ حيِنَماَ أَذْعَنْتُ لِلْنِّسْيَانِ
أَناَ خَذَلْتُكِ حَيْثُماَ إِمْتَدَّ صَوْتُك ِ
أَناَ خَذَلْتُك  لَحْظَةَ الْمَلَلِْ
أَناَ خَذَلْتُكِ حَتىَّ بِاْلأَمَلِ
 وَكَمْ تَخَدَّرْتُ   وَسَكَرْتُ بِاْلأَمَلْ  حَتَّى أَعْيَيْتُهُ وَأَعْيَيْتُكِ
أَناَ خَذَلْتُكِ  بِتَعْلِيمِي وَأَخْلاَقِي وَعَلاَقَاتيِ
أَناَ خَذَلْتُكِ حَدَّ عُرُوقِي
أَناَ ظَلَمْتُكِ فَلْتَغْفِريِ
أَناَ سَأَخْرُجُ بِحُبِّي فيِ مُدُنِي  أَحْمِلُ قَامُوسَ شِعَارَاتٍ
أَناَ سَأَتَظاَهِرُ بِأَنَّنيِ لَمْ أَنْسىَ وَلَنْ أَصْمُتَ وَسَأَنْصُرُكِ لَيْلاً وَنَهاَراً سَأَغْضُبُ ثَلاَثَةَ أَيّامٍ  وَلا َأَتَكَلَّمُ ،إِلّاَ رَمْزاً
 سَأَغْضُب ُأُسْبوُعًا  وَشَهْرا ً ثُمَّ أَسْمَع لِلْشَّيْطَانِ هَمْزاً
أَناَ سَأَعُودُ لِبَيْتيِ الدَّافِئَ  لأَمْنِيَ الْكَاذِبَ  لِسَلاَمِيَ المُزَيِّفَ
سَأَعوُدُ لأُمَارِسَ فُنُونَ الْخُذْلاَنِ مِنْ جَدِيدٍ
 ِلأَعِيشَ حَياَة َالعَبِيدِ لأُِنْفَى كَبِضَاعَةٍ   لأُِقَدِّمَ قَراَبِينَ الطاَّعَةِ
 أَهَذاَ أَناَ يا َقُدْسُ..
يا َبَابَ الْأَسْباَطِ الْمُقَوَّسِ..ياَ باَبَ الْحِطَّةِ العَتيِقِ
يا َبَابَ الساَّهِرَةِ الْكَرِيمِ..ياَ سُوقَ الْخَوَاجَاتِ
يا َسُوق َالعَطَّارِينَ..ياَ  قَرْيَةَ "الْمَالِحَةِ " الْجَمِيلَةَ
يا َ "عَيْنَ كَارِمٍ " الْخَضْرَاءِ..ياَ رُوَايَاتِ   َ "الْحُسَيْنِي  َ "
وَ   َ "حَطِّينَ  َ "
ياَ كَنيِسَةَ   َ "مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةَ  َ "  وَأَجْراَسَهاَ
يَا   َ "رَابِعَةَ العَدَوِيَّةَ   َ "  بِجَبَلِ الْزَّيْتُونِ
 يا َ   َ "قُبَّةَ  الصَّخْرَةِ   َ "..يا َحُلْمَ بَقَائِي
ياَ ضَحْكَة أَعْمَاقيِ بِرِدَائِي المَقْدِسِيِّ  المُطَرَّزَ ،حُرِيَّةً
يا َطَعْمَ حَلْوَى "المَطَبَّقْ ..
يا َيُبوُسُ..ياَ أوُرْشَليِمُ..يا َشَليِمُ..يا َشاَلِمُ..يا َأُورُ – ساَلِمُ
يا َقُدْسَ الأَقْدَاسِ..ياَ إيِلْياَ كاَبيِتوُليِناَ..ياَ إيِلْياَءُ..يا َقُدْسُ
يَا.. َقُدْسِيَّ الشَّرِيفِ..يا َبَيْتَ المَقْدِسِ..يا َيوُرْشاَلِيمُ
ياَ أَناَ..أََناَ..لسْتُ هُناَ..أَنَا..هُنَاكَ..