أجل مسمى.. كتبت: تغريد بو مرعي بقلمها
قال تعالى : ( هـو الـذي خـلقكُـم مـن طـين ، ثُـمّ - قـضى أجـلاً - و - أجـل مُـسمّى - عـنده ) الأنعام 2
أوضح القرآن الكريم أن لكل إنسان أجلين : أجل مُسمّى عند الله ، وأجل مُقضى يموت فيه الإنسان بقتل او حادث او عدم العناية الصحية .
الله سبحانه يريد لكل انسان أن يعيش الى أجل مُسمّى ، فالإنسان بأخطائه في الطعام والشراب والسهر والاوبئة وعدم العناية الصحية هو الذي يُنقص من عمره فيموت باكراً ، والله غير مسؤول عن ذلك ، يقول تعالى : ( و مـا يُعـمّر مـن مُعمّـر ، و لا - يُـنقـص - مـن عـمره ) فاطر 11 ، والله لا يريد ذلك لأنه يريدنا العيش إلى الأجل المُسمّى الذي كتبه لكل الناس بالتساوي وقبل الولادة : ( و نُـقـرُّ فـي الأرحـام مـا نشـاء إلـى - أجـل مُـسمَّـى - ) الحج 5 ، و هذا هو العدل الإلهي المطلق بين الناس .
الأجل المُسمى لا يُمكن تقديمه ولا تأخيره ولو ساعة واحدة بينما يمكن تأخير الأجل المُقضى بعملية الإسعاف او العمليات الجراحية او الهرب من الموت ، يقول تعالى : ( و لـو يـؤاخـذ الله النـاس بظـلمـهم مـا ترك عـلى ظـهـرهـا مـن دابة ، و لكـن - يـؤخـرهم - إلى أجـل مُـسمى ) النحل 61 ، والآيات التالية تزيد الأمر وضوحا : ( و لـولا كـلمة سـبقـت مـن ربّـك إلـى - أجـل مُـسمَّـى - لـقُـضيَ بينـهم ) الشورى 14 ، وكذلك : ( و لـو يـؤاخـذ الله النـاس بمـا كـسبوا مـا ترك عـلى ظـهـرهـا مـن دابة و لكـن - يـؤخـرهم إلى أجـل مُـسمى - ) فاطر 45 .
الأجل المسمى لا تقديم ولا تأخير فيه ولو ساعة واحدة : ( و لـكـل أمـة أجـل فـإذا جـاء أجـلـهم لا يستـأخـرون سـاعة و لا يسـتقدمـون ) الأعراف 34 ، ( لـكـل أمـة أجـل ، إذا جـاء أجـلـهم لا يستـأخـرون سـاعة و لا يسـتقدمـون ) يونس 49 ، والله تعالى قد أعطى المثل على هذين الأجلين من خلال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : ( و مـا مـحـمد إلاّ رسـول قـد خـلت مـن قبلـه الرسُـل ، أفـإن - مـات - أو - قُـتِـل - ) آل عمران 144 ، فقد أوضح أن الرسول الكريم كونه بشر ،يمكن ان يموت بشكل طبيعي بالأجل المسمى او يمكن أن يقتل بالأجل المُقضى .
عندما يشعر الانسان بالخطر ، ليس عيبا ان يهرب من الموت بالأجل المُقضى، موسى عليه السلام هرب من مصر عندما اصبح مهدداً بالقتل : ( و جـاء رجـل مـن أقصـا المـدينة يسـعى قال يـا موسـى إنّ المـلأ يأتمـرون بـك ليقتـلوك فـاخـرج إني لك مـن الناصحين ، فخـرج مـنها خـائـفاً يـترقّب ) القصص 20 / 21 .
فالحذر والحيطة وتجنب المخاطر والمهالك من الامور التي يجب اتخاذها كي لا يموت الانسان بأجل مقضى ، من أجل ذلك كتب الله سبحانه القصاص في القتلى اي يجب انقاص عمر القاتل بالقتل او الإعدام لأنه تسبب في انقاص عمر الآخرين : ( كُـتب عليـكم القصـاص في - القتـلى - ) البقرة 178 ، ولذلك حرم الله الانتحار : ( و لا تقـتلوا أنفسـكم إن الله كـان بـكم رحيمـاً ، و من يفـعل ذلك عـدوانـاً و ظـلمـاً فسـوف نصليه ناراً ) النساء 29 / 30 .
قتل أنثى بريئة (الأنثى الموؤدة ) هو أشنع الجرائم وقد شن القرآن الكريم حملة شعواء على قتل الانثى وقد ذكر الحادثة في سياق احداث نهاية الكون لعظمة الامر : ( إذا الشـمـس كـوّرت ، و إذا النجـوم انكـدرت ، و إذا الجـبال سـيّرت .... و إذا المـوؤدة سُـئـلت بأي ذنـب - قُتـلت - ) شورة التكوير ، فهي قتلت قتلاً وليس موت طبيعي لذلك كان السؤال للقتيل ولس للقاتل دليل على شناعة الجريمة .
إنَّ الأجل المسمى محتوم من خلال انقسام الخلايا الذي رسمه الله في جينات الخلايا ومن خلال ساعة بيولوجية سيدعونا منبه هذه الساعة الى القبر : ( كـل نفـس ذائـقة المـوت ) آل عمران 85 / العنكبوت 57 / الأنبياء 35 ، فساعة الأجل المسمى مبرمجة في الكروموسوم رقم 4 الذي ينهدم جزئيا مع كل انقسام الخلايا الجسم ، فالخلايا العضوية في الكاىن الحي تقوم بنوع من الانتحار الداخلي البطيء ويدفن الجسم في داخله نفاياته الخلوية [ مخلفات المواد السامة الخارجة من الأكسدة ] فنحن نحترق بشكل دائم من أجل الحصول على درجة حرارة 37 درجة مئوية .
فالموت حتمي لا بد من وقوعه ، وهو مؤجل حتى وقوع أسبابه ، لذلك تطول اعمار الانسان وتقصر وفق تقدم العلم، ووفق تدخل الله تعالى أحياناً ، فالقضاء هو علم الله المسبق على ما ستكون عليه الامور في المستقبل دون أن يفرصها وإلا لما حاسب عليها ، بينما القدر هو ظهور الأمور على الواقع طبقا لعلم الله بها تماما ، فالله سبحانه يعلم ان الانسان سيعمل باختياره لأن يكون سعيدا او شقيا .
أن الضرر الذي يصل لمرتبة المصائب هو من فعل الأنسان حصرا لأن الله لا يأذن بالمصائب لقوله تعالى : ( و مَـا أصَـابكـم مـنْ مُـصيـبةٍ فبـمـا كَـسَبـتْ أيـديـكمْ ) الشورى 30 .
أطال الله في أعماركم وبارك بكم ومتعكم بالصحة والعافية وأبعد عنا وعنكم المصائب والأمراض والأسقام .
ليست هناك تعليقات
مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation