الطُّـفـولةُ المُنتهَـكَـةُ.. كتب: محمود بريمجَة

أَلَا أيُّها المُغتصِبُ المُعتدي
أيُّها المُفترِسُ المُتَنكِّرُ
أيُّها الشَّرِهُ الذي أذَلَّ كُلَّ القِيَم ِ
و عَبَثَ بِبَراءَةِ مَلائِكةِ الأرض ِ
باسمِ الشَّرْعِ و العُرْفِ و التَّقْليدِ
كَفاكَ شَرْحاً و تَفْصيلاً و لِجُرْمِكَ تَنْميقاً
فقد أذلَلْتَ كَرامةَ الطُّفولةِ
و سَحقْتَ أجَلَّ مَعانيها
و تَدَّعي الصَّونَ و العِفَّةَ
و أنَّكَ لِنِصفِ دِينِكَ مُتَمِّمُ

كيفَ تُكشِّرُ عنْ أنيابِكَ
و قد رأَتْكَ العمَّ الجليلَ ؟!
كيفَ تقودُها إلى خَلوةِ اللِّقاءِ
و يَعِزُّ عليها فِراقُ ألعابِها ؟!
كيفَ تبتغي مُتعةً منْ جَسَدٍ غَضِّ الإهابِ ؟!
لم تَسرِ فيهِ رَغَباتُ الحياةُ
و لم تُزيِّنْهُ أحاسيسُ الأُنوثةِ
أَ تُريدُ انتِزاعَ طِفلٍ منْ جَسَدِ طِفلةٍ ؟!
كُلُّ ما عرفَتْهُ شَمسٌ و لَعِبٌ و بُكاءٌ إذا جاعَتْ

كيفَ طاوعَكَ الفُؤادُ و الأناملُ
أنْ تُشوِّهَ عِفَّةَ طِفلةٍ ؟!
فيها تصُبُّ سَيلَ غَرائزِكَ ..
و تزرعُ أشواكَ جَهلِكَ
تنتهِكُ حُرمةَ قامَتِها
و تشنُقُ بَراعمَ أحلامِها
تستأصِلُها منْ أحضانِ أُمِّها
و تحرِمُها منْ صُحبةِ الأنسامِ و الفَراشاتِ
و أنتَ بالرِّضا مُفعَمٌ
و منْ كُلِّ شَفَقَةٍ مُعدَمٌ

أيُّها الأبُ الذي لم يَصُنِ الأمانةَ !
و رمى فِلْذةَ كَبِدِهِ في بَراثِنِ ذِئبِ جائعٍ
أغراكَ بجاهٍ و فِكرٍ ضالٍّ
تدَّعي قَداسةَ العِرضِ
 و أنتَ عنْ صَونِهِ عاجزٌ ؟!
إنَّ العِرضَ عِزَّةٌ و سَعادةٌ لأهلِكَ
و نورٌ في وجهِ أكبادِكَ
و دَرْءٌ للضُّرِّ عنهم
بذا تحلو حياتُنا
و تطمَئِنُّ القُلوبُ في الدُّنيا و بعدَ مَماتِنا

أنقِذوا الأطفالَ منْ بَراثنِ القُساةِ
حصِّنوهم بالعِلمِ و آدابٍ تسمو بهم
و خُذوا بأياديهم في كُلِّ مَيدانٍ
آثِروا سَعادتَهم ما حَيِيْتُم
لِنُحيِيَ بهم ما فَنِيَ منْ آمالِنا
فإنَّهم أزاهيرُ اليومِ و بُناةُ الغَدِ
و ارتقاؤُهم جُلُّ ما نبتَغيهِ

الأطفالُ هِبَةُ اللهِ و أجملُ نِعَمِهِ
و سبيلُنا إلى رِضاهُ
فَهُم زِينةُ دُنيانا
و على صفحاتِها بَصمةُ إبداعِنا
فَلْنَحفظِ النِّعمةَ و ندعُ لِكُلِّ مَحروم ٍ
إنَّهم ملائكةُ الرَّحمنِ في أرضِنا
بَهجةُ الأجنانِ و رياحينُ الرُّوحِ
لِيبقى دُعاؤُهم بالخيرِ في الدُّنيا لنا
و بعدَ المَماتِ يتبعُنا

 - سُوريةُ .