سَـئِـمْـتُ الحـيـاةَ.. كتب: محمود بريمجَة بقلمه
علَّموني أنَّ التَّعلُّمَ ضَياعٌ للطُّفولةِ و الشَّبابِ
و صُحبةَ القلمِ و الكُتُبِ هَدرٌ لأيَّامِ العُمُرِ
و أنَّ المدارسَ حَظُّ المُرفَّهينَ العابثينَ
بَيدَ أنَّني ما عُدْتُ أُصدِّقُهم
فهُنا الكَدْحُ و الشَّقاءُ و إفناءُ الطُّفولةِ
و أبجديَّاتٌ أُخرى سَئِمْتُ تعلُّمَها
و هُناكَ الجمالُ و كُلُّ أنوارِ السَّعادةِ
مُنذُ أنْ أبصرْتُ نُورَ الحياةِ
و أنا رَهينُ الفَحْمِ و الخُرْدَةِ
و سَيلِ الأوامرِ و الشَّتائمِ و بعضِ الصَّفَعاتِ
لا صديقَ يُؤنِسُني
أو يداً غَضَّةً تشدُّني إلى المَلاعبِ
أتوقُ لحُضْنٍ دافئٍ
و مِسْحةٍ على رأسي
و تربيتٍ على كَتِفي
فما زِلتُ طِفلاً ، و لم آلَفْ عيشَ الكِبارِ
خُذوني معكم يا أطفالَ المدارسِ
علِّموني القِراءةَ و مَبادئَ اللَّعِبِ
و كيفَ أضحكُ للحياةِ
أريدُ أنْ أحملَ على ظهري حقيبةَ الكُتُبِ
و في يدي وُروداً لِمُعلِّمي
أُريدُ زِيَّاً جميلاً و شَعراً مُسرَّحاً
و تحرُّراً منْ سَطوةِ الفُولاذِ و الحديدِ
لا تتركوني هُنا ، فما عُدْتُ أُطيقُ الألمَ
أسمعُ كُلَّ جميلٍ عنِ الأطفالِ
أنَّهم بَراعمُ الغَدِ
خُلِقوا للسَّعادةِ و رَغَدِ العَيشِ
أنَّهم فراشاتٌ و للدُّنيا زِينةٌ
تسرِقُهمُ الأحضانُ و مُتَعُ الحياةِ
لا يعرفونَ ألَماً
و إنْ ذَرَفوا دَمعاً تشاطرَتِ الأكُفُّ لِكَفْكَفَتِها
و تَقبيلِ المُقَلِ و مآقيها
تُرى .. !
أليسَ كُلُّ الأطفالِ سَواءً ؟!
إنَّهم بالحقوقِ يتلذَّذونَ و لطفولتِهم يُغنُّونَ
و إلى كُلِّ حقلٍ و بحرٍ يُقادونَ
أسرارَ الحياةِ يستكشفونَ
و ببراءَتِهم كلَّ دربٍ يُنيرونَ
و أنا اليائِسُ المَنسيُّ بينَ القَذارةِ و القاذوراتِ
أتحسَّرُ على طُفولَتي المُشوَّهةِ
و أجنحتي التي تَحترقُ ، بلا رَحمةٍ
يُلِحُّونَ على مُعاشرتي للأدخنةِ و الآلاتِ
يقذفونَني بينَ بَراثنِ الصَّنعةِ و المالِ
يُشيدونَ بنجاحي ، و أنَّني سيِّدُ الغَدِ
و أنا العبدُ الصَّغيرُ طَوعُ بَنانِهم
لا يسمعونَ أنَّاتي أو يُقِرُّونَ بحَسَراتي
لا يُدركونَ أنَّ الأمالَ المذبوحةَ في أعماقي
تغدو قُوَّةَ الرُّوحِ المُضطهَدةِ
تترقَّبُ بَصيصَ الثَّوَرانِ
أيُّها الأطفالُ ..
ها أنا الآنَ بينَكم
فقد تحرَّرْتُ منْ رَحِمِ الظَّلامِ
هاتوا أيديَكم نَمض ِإلى دُنيا العِلمِ
نُصاحبُ الفراشاتِ و كُلَّ الكائِناتِ
و نجعلُ اليأسَ أملاً
فلا عملَ بعدَ اليومِ
لا ألَمَ بعدَ اليومِ .. ما دُمْنا أطفالاً ..
- سُوريةُ .
ليست هناك تعليقات
مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation