اخر الاخبار

آخر الأخبار

العين بالعين.. كتبت: القاصة فوزية الكوراني بقلمها

 




لم يكن يعلم أنني أتتبع خطواته؛ حتى جاءت ساعة الحسم التي جعلتني أتنفس الحياة!..
إذ أنهم قَطّعوا الهواء عني منذ أن كنت في العاشرة من عمري...
عندما جاء من اشتراني من الميتم؛ يومها انتفخت اوداجي؛ كنت حزينة جدًا لأنني  سأترك رفيقاتي وسأعبر إلى خارج السور الذي كنا ننظر من خلال فتحاته لنشاهد الحياة الخارجية التي يتكلمون عنها المربيات..
يومها شعرت بالحزن واليتم؛ أنا لم أعرف والدايّ ولا من هم!!..عندما فتحت عينايّ على الدنيا كانت تحتضنني إنسانة رقيقة حنونة وكلنا نناديها بلقب ماما زينب، كانت تمثل لنا الدنيا ولانشعر بأي يُتمٍ معها..
جاءت ماما زينب في ذاك الصباح المشؤوم؛ أخذتني  واصلحت من لباسي وكانت تبكي وهي تمشط شعري وتقول لي: انتبهي لنفسك حاولي تكوني لطيفة مع السيد  وزوجته الذي تبناكِ..
 يومها تشبثت بها وبكيت كثيرًا وهي تحاول من تهدئة روعي وتُجمل لي الحياة خارجًا، وتثني على السيد وزوجته، وبأنني سأكون لهم العوض من الله  على حرمانهم من الذرية..
وكانت زوجة السيد تأخذني منها وتناديني ياابنتي لاتبكي ستزوري ماما زينب عندما نأتي لزيارة البلد..

أتذكر أول ليلة قضيتها في فراشي خائفة أصارع النوم
كنت أشعر أن النوم سيأخذ حياتي!!.. لماذا هذا الشعور تملكني لاأعلم، مع أن الغرفة كانت جميلة وفيها ألعاب  والفراش مريح، إلا أن الخوف غَلَقَ على قلبي!..

كانت الزوجة تعاملني برفق وحنان كنت أسمع من الخدم أنها إنسانة حنونة صابرة تزوجت عن حب وفرضت زوجها على عائلتها رغم أن الفارق الإجتماعي بينهم كبير؛ فهو من عائلة متوسطة الحال بكل شيء، وهي من أسرة غنية وراقية بكل معاني الرُقيّ..
بعد الزواج أكتشفوا أنه عقيم  فكتمت الخبر عن عائلتها
نسبت العقم لها لكي لايطالبوها بالانفصال عنه..
أما الزوج كنت أشعر أنه مرغم على وجودي بينهم، رغم أنه يتظاهر بالحب لي، ويأتي بالهدايا والألعاب..
إلا أن شعور داخلي يجعلني أنفر منه وخاصةً عندما يقبلني!..
 برغم صغر سني إلا كنت اُفَرق بين قبلة الحنان التي كانت تطبعها السيدة على خدي ومن قبلته التي كانت تثير اشمئزازي..
في عامي الثالث عندهم عندما بلغت الثالثة عشرة  من عمري: بدأت أشاهد نظراته الوقحه ولمساته الخبيثة التي كنت اتحاشاها كثيرًا؛ ولا أريد أن تشعر السيدة بأي شيء يقهرها فهي كانت حنونة فرحة بي تعاملني كالابنه؛
تأخذني معها في مشاوريها للأصدقاء الجدد تقول لهم هذه ابنتي..
بدأت أقفل غرفتي بالليل عندما شعرت أنه يتسلل إليها بحجة أن يصلح من الغطاء خوفًا عليّ من البرد؛ ويداه الشيطانية تتسلل إلى جسدي...!
كنت أصارع أيامي معه كاصراع القط والفأر دومًا انزوي في غرفتي عندما  يكون جالسًا في المنزل..
إلى أن آتى يومًا مشؤومًا ثانيًا؛ عندما مرضت السيدة ودخلت المشفى لاستئصال الزائدة بكيت يومها كثيرًا أردت النوم عندها  خوفًا منه، إلا أنهم في المشفى لم يسمحوا لي..
عدت إلى المنزل معه خائفة وهو يحاول أن يكون حنونًا كما الأب الحقيقي ولأول مرة  أشعر أنه حنون طيب؛ (روغان الثعلب) وبعد أشرفت الخادمة على طعامي وادخلتني غرفتي شعرت بالخوف الشديد؛ أقفلت الباب كما كنت أفعل ظنًا مني أن ماكان يمنعه عني القفل وليس خوفًا من السيدة أن تراه..
 جلست في سريري أُغالب النعاس لكن للأسف غلبني:
واستقيظت على وحش يفترسني...!
واستيقظت الخادمة على صوت بكائي،  وكانت تبكي معي وتقول له حرام عليك ياسيدي ماذا فعلت بهذه الطفلة وهو يتهدد ويتوعد بأن يقطع عيشها في هذا المنزل  إن تكلمت بحرف!!.. ويقول لها:  هذه ليست لها حرمة إنها ابنة حرام... كانت ترن في أذني هذه الكلمة : (ليست لها حرمة) يومها لم أفهم معنى هذه الكلمة!!..

لم يكن أمامي سوى الهرب؛ مشيت يومًا كاملًا وقدماي لم تتعب لم يشغلني شيئًا سوى أن ابتعد عن هذا البيت والشيطان اللعين، ولم أكن أعرف الطريق إلى الميتم وبالأساس إنه في بلدٍ ثان..   
عندما اشتد الظلام وكان التعب قد انهكني:
غفوت على قارعة الطريق ولم أستيقظ إلا على يدٍ تداعب شعري واسمع صوتها يقول كم أنت متعبةيا صغيرتي؛ نظرت
  لها دون الرد حاولت النهوض سقطت مَغشّيًا عليّ ولم أصحو إلا بعد اسبوع في مشفى خاص وتحطيني عناية كبيرة من الله؛ ومن تلك المرأة التي أيقظتني من على قارعة الطريق واخذتني إلى المشفى وقالت لهم أنني حفيدتها أخذتني إلى منزلها:
سمعت حكايتي ذرفت دموعًا عندما سمعتها..
كانت إمرأة في الخمسين غنية تعيش لوحدها عندها ولدان ذهبوا للدارسة في انكلترا واستقروا بها..
أحاطتني برعايتها وكأني فعلًا حفيدتها وهيأت لي كل أسباب السعادة والحياة الطبيعية بمالها...
لكنها لم تستطيع أن تمحي من ذاكرتي تلك الليلة!!!.
تتبعت أخباره عرفت أنه صار مدمنًا للمخدارت منذ أن انفصل عن زوجته ؛ حيث أن الخادمة أخبرتها بكل ماحدث..
 ولأَنها لم تشاء أن تثير الفضيحة طلبت منه الإنفصال بهدوء..
عاش وحيدًا مع نساء السوء والمخدرات..

كان لابد لي من الإنتقام لكي أستطيع العيش بسعادة..
كانت سعادتي هي الانتقام ولم أكن أريد له الموت...
كنت أريد أن أحرمه من رجولته كما حرمني انوثتي واغتال طفولتي...
 لم أكن اتكلم مع جدتي بحقدي وماأريد فعله؛
لأنها كانت عند كل كابوس يأتيني ليلًا وتسمع بكائي وأنا أهدد بالانتقام تضمني إلى صدرها وتقول لي اتركيه لله..
هي تفضل انتقام الله على انتقام العبد لذاته..
 لكن أنا لم يكن يشفي غلي وحقدي إلا ماصممت عليه...
خططت وتعرفت على إحدى النساء التي كانت تصاحبه؛
واقنعتها أنني رسامة وأريد رسم ليلة من لياليهم وذلك لرسالة التخرج في معهدي، ودفعت لها مالًا كثيرًا فاستجابت لطلبي واعطتني موعد زيارته لها..
تركت لي الباب مواربًا؛ دخلت انتظرت حتى ذهبت  المرأة إلى المطبخ لتعد شيئا من الطعام والشراب، وكان هو في حالة سُكرٍ أشد من الغيبوبة؟:
 فكان لي مااردت وأخذت حقي...
خرجت مسرعة وطلبت له الإسعاف لكي ينقذوا حياته!!..

لم يكن يعلم أنني أتتبع خطواته حتى جاءت ساعة الحسم بعد عشرة سنين!...  لتجعلني أتنفس الحياة!

/ سوريا

ليست هناك تعليقات

مرحبا بكم في الموقع الإعلامي للمنتدى الثقافي الدولي شكرا لتواصلكم معنا ولمشاركتكم الفاعلة
Welcome to the media site of the International Cultural Forum. Thank you for contacting us and for your active participation